المذنبات هي الأجرام السماوية الأكثر تميزاً في مجموعتنا الشمسية: المسار الذي تسلكه حول الشمس يختلف عن مسار بقية الكواكب، والذيل الذي تتركه خلفها عند اقترابها من الشمس يبدو كعباءة ممتدة لا تنتهي، وهي مسؤولة عن أمطار الشهب التي تتساقط من حين لآخر، حين تدخل جزيئات ذيل المذنب إلى الغلاف الجوي للكرة الأرضية وتشتعل في السماء كـ"نجوم متساقطة". وهذا ليس كل شيء. فهي العنصر الأهم في عملية فهم النظام الشمسي ككل وتطور الحياة هنا على الكرة الأرضية بشكل خاص. وهذا احد الأسباب الذي يدفع العلماء في جامعة تل أبيب لصناعة مذنبات صناعية صغيرة في المختبرات.
المذنبات هي أجسام صغيرة نسبياً (قطرها حتى 100 كيلومتر) تدور حول الشمس، أي أن هناك مذنبات تعود إلينا مرة كل عدة عقود، وهناك مذنبات تعود مرة كل بضع مئات أو آلاف من السنين. معظم المذنبات لا يمكن رؤيتها دون تلسكوب. بينما يمكن أحياناً ملاحظة مذنب يمر في سماء الليل من مكان مظلم. يعرف العلماء اليوم عن وجود آلاف المذنبات التي تدور حول الشمس، ولكن كما يبدو فعددها أكبر بكثير.
تصنيع مذنب في المختبر
كما فهمتم بالتأكيد من مهمة روزيتا، فدراسة المذنبات ليست أمراً سهلاً. لا يمكننا ببساطة إرسال مركبة فضائية وروبوتات إلى كل مذنب يدور في النظام الشمسي – فهناك الكثير منها، والميزانية المطلوبة للقيام بذلك ستكون فلكية.
الحل هو دراسة مكونات المذنبات بشكل جيد، ثم تقليد مكوناتها بشكل مدروس في المختبر. "في مختبرنا في جامعة تل أبيب نصنع جليداً يشبه الجليد في المذنبات – جليد يحجز بداخله غازات. المذنب الذي صنعناه محفوظ في ضغط منخفض جداً وفي درجات حرارة منخفضة جداً"، كما توضح نينيو غرينبرغ.
"نقوم بتسخين الجليد في المذنب الذي صنعناه، وعندما تسخن جزيئات الماء، فإنها تبدأ بالتجمع على شكل بلورات مختلفة، ويتحرر الغاز المحجوز بداخلها. وهكذا نصنع مذنباً صناعياً يمكننا أن نجري عليه التجارب وندرس خصائصه ضمن مساره البيضاوي حول الشمس".
إذا هل المذنبات - التي هي في الواقع نوع من الموقع الأثري بين النجوم يسمح لنا باكتشاف ما حصل في الأزمان الماضية التي نشأت فيها المجموعة الشمسية - مسؤولة حقاً إلى حد ما عن تكون الحياة على الكرة الأرضية؟ ربما تلقي أبحاث البروفيسور بار نون وطاقمه المزيد من الضوء على هذه التساؤلات المثيرة، وتساعدنا على فهم أفضل لمصدر الحياة على كوكبنا الصغير.