كشف الرئيس التنفيذي لشركة أبل، تيم كوك، الليلة الماضية (الأربعاء) عن هاتفي أيفون 14 وآيفون 14 برو، واللذان سيحتويان أيضًا ولأول مرة دعمًا للاتصال عبر الأقمار الصناعية. ستسمح الميزة الجديدةEmergency SOS، بإرسال الرسائل ومشاركة الموقع حتى دون استقبال خلوي أو اتصال بالإنترنت، من خلال اتصال مباشر بالأقمار الصناعية. يأتي عقد المؤتمر الصحفي لشركة التكنولوجيا العملاقة آبل بعد أيام قليلة فقط من إعلان شركتي "تي موبايل" و"سبيس إكس" عن اتفاقية لربط جميع مشتركي الشركة في الولايات المتحدة بأقمار "ستارلينك" الصناعية. إلى حد ما، يمكن القول بأنها صافرة لإنطلاق المنافسة لربط جميع هواتفنا المحمولة بالأقمار الصناعية كجزء من ثورة الفضاء الجديد.
في وسط البحر أو على قمة إيفرست - يمكن إرسال رسالة طوارئ
كيف ستعمل الميزة؟ تم تصميم خدمة Emergency SOS للأشخاص الذين يعيشون في مناطق منعزلة دون استقبال خلوي، أو للأشخاص الذين يجدون أنفسهم في حالة طوارئ، على سبيل المثال أثناء تسلق جبل أو الإبحار في البحر. في هذه الحالة، سيتمكن المستخدم بمساعدة أيفون 14 من البحث عن أقرب قمر صناعي في الفضاء باستخدام تطبيق مشابه لـ Find My Phone وتوجيه الهاتف إليه. لن تعمل هذه الميزة إلا إذا كان المستخدم في الخارج تحت السماء. في ظل الظروف المثالية، تدعي شركة "أبل" أنه سيكون من الممكن إرسال رسالة في أقل من 15 ثانية - وهو وقت يمكن أن يمتد إلى بضع دقائق في حال وجود غيوم في السماء. ستقدم الخدمة مقابل دفع، لكن جميع مشتري "آيفون 14" و"آيفون 14 برو" سيحصلون على اشتراك مجاني فيها لأول عامين.
فيديو إعلاني لشركة Apple يشرح الخدمة الجديدة.
لتوصيل الهاتف الخلوي بالقمر الصناعي، زرعت شركة أبل في أيفون الجديد معدات جديدة: هوائيات مصغرة ستتصل بأقمار "غلوبال ستار" الصناعية. تشغل "غلوبال ستار" أسطولًا مكونًا من 48 قمرًا صناعيًا في مدار منخفض (LEO) حول الأرض، ومن المتوقع أن تستخدم الشركة 85٪ من شبكتها لدعم خدمة Emergency SOS لمئات الملايين من مستخدمي آيفون 14 (والإصدارات الأحدث). وتجدر الإشارة إلى أن أقمار الشركة لا تستقبل ما وراء خط عرض 70 في الجنوب والشمال، لذلك فلن تعمل الخدمة في حالات الطوارئ في المناطق القطبية.
تمثل خطوة "آبل" نهاية عصر هواتف الأقمار الصناعية المخصصة - تلك الأجهزة الضخمة التي يحملها المسافرون والجنود معهم في الميدان بالإضافة إلى الهاتف العادي، مثل الأجهزة التي تبيعها "غلوبال ستار" نفسها. علاوة على ذلك، فإن هذه هي أول الاشارات التي تبشر بحقبة جديدة من اختراق الفضاء في السوق الخلوي: تمامًا كما اقتصرت الهواتف المحمولة الأولى على ميغابايتات قليلة فقط لم تسمح إلا بالمكالمات الهاتفية والرسائل النصية القصيرة، لذلك فمن المتوقع أن نشهد في السنوات القادمة زيادة عرض النطاق الترددي حتى الوصول إلى إمكانية تصفح الإنترنت وإجراء مكالمات الفيديو - وكل ذلك من أي مكان وعبر القمر الصناعي.
حتى عام 2022، يعيش 2.9 مليار شخص، أو نحو 37 ٪ من سكان الأرض، في مناطق لا تحتوي على أي بنية تحتية للإنترنت. على الرغم من أنه من المعتاد عند ذكر هذه الحقيقة التفكير في القرى النائية في إفريقيا، إلا أن الحقيقة هي أن أجزاء كبيرة من أوروبا وأمريكا الشمالية ليست متصلة أيضًا بالشبكة العالمية. بالإضافة إلى ذلك، يعيش حوالي 12٪ من سكان العالم في مناطق ليس بها استقبال خلوي. في الولايات المتحدة على سبيل المثال، هناك حوالي 1,300,000 كيلومتر مربع من الأراضي بدون أي تغطية خلوية. بالإضافة إلى ذلك، يعيش المليارات في ظل أنظمة استبدادية تحجب بعض المواقع مثل ويكيبيديا وجوجل وتحظر مكالمات الهاتف الخلوي. سيوفر الاتصال المباشر من الهاتف إلى القمر الصناعي الحاجة إلى بناء بنية تحتية مادية باهظة الثمن، مثل تمديد خطوط الألياف تحت الأرضية والهوائيات، وسيسمح بالاتصال المجاني من أي نقطة في العالم.
شركة SpaceX تعد: مكالمات هاتفية كاملة عبر الأقمار الصناعية
على ضوء إعلان شركة "أبل"، يبدو أن توقيت إعلان شركتي "تي موبايل" و"سبيس إكس" الأسبوع الماضي لم يكن مصادفة. في مؤتمر صحفي عقد في قاعدة بوكا تشيكا الفضائية، أعلن الرئيس التنفيذي لشركة "سبيس إكس" أيلون ماسك والرئيس التنفيذي لشركة "تي موبايل" مايك سايبرت أنه بدءًا من العام المقبل، سيتمكن كل زبون أمريكي لشركة "تي موبايل" من الاتصال مباشرة بأقمار "ستارلينك" الصناعية لإرسال رسائل نصية من المناطق التي لا يغطيها الاستقبال. قال ماسك: "لقد قرأنا جميعًا عن شخص ذهب في نزهة على الأقدام وضل طريقه ومات من العطش أو التعرض لأشعة الشمس. يمكنك أن تجد نفسك تائهًا في جزيرة صحراوية وتتحدث إلى كرة طائرة – ولكن من الآن يمكنك أيضًا طلب المساعدة"، في إشارة إلى فيلم "Cast Away"للممثل توم هانكس.
وفقًا للخطة، ستبدأ "تي موبايل" في استخدام منظومة "ستارلينك" قبل نهاية عام 2023. وسيتم تضمين الخدمة في الحزم الأكثر شيوعًا لدى "تي موبايل"، ثاني أكبر مشغل خلوي في الولايات المتحدة، وبدون أي تكلفة إضافية. وتجدر الإشارة إلى أن أقمار "ستارلينك" الصناعية لن تحل محل الهوائيات الخلوية، وسوف يتصل الهاتف تلقائيًا بالأقمار الصناعية فقط عندما لا يجد استقبالًا من هوائي محلي، وستكون الخدمة متاحة لزبائن الشركة في جميع الولايات الأمريكية، مع تغطية جزئية في ألاسكا وبورتوريكو والمياه الإقليمية الأمريكية، مع تخطيط "سبيس إكس" لتوسيعها إلى دول ومشغلين آخرين في المستقبل.
الميزة الكبيرة التي تتفوق بها خدمة "سبيس إكس" على خدمة "أبل" هي أن خدمة Emergency SOS تتطلب معدات خاصة، وبالتالي ستقتصر على أجهزة "آيفون 14" وإصداراته الأحدث، في حين أن أي زبون لشركة "تي موبايل" وباستخدام أي جهاز، سيكون قادرًا على الاتصال بمجموعة الأقمار الصناعية "ستارلينك".
ميزة أخرى هي الحجم. تمتلك مجموعة "ستارلينك" بالفعل حوالي 3000 قمر صناعي في المدار، وهو أكبر أسطول في التاريخ، ومن المتوقع أن ينمو إلى 40,000 قمر صناعي - مقارنة بـ 58 قمراً لـ"غلوبال ستار". هذا يعني أنه في أي لحظة، سيمر عدد أقل من أقمار "غلوبال ستار" فوق رؤوس مستخدمي "آيفون 14" مقارنة بأقمار "ستارلينك" التي تمر فوق رؤوس مشتركي "تي موبايل". ينعكس هذا الاختلاف في عرض النطاق الترددي: بينما تدعي شركة "أبل" أن الاتصال بالقمر الصناعي ممكن بفضل ضغط معلومات الرسائل النصية بثلاثة أضعاف وزنها الحالي، تعد "سبيس إكس" بعرض نطاق ترددي يتراوح بين 2 و 4 ميغا بايت – وهذا أكثر من كافٍ لإرسال رسائل نصية، وحتى لإجراء مكالمات هاتفية. من ناحية أخرى، لا تزال وعود "سبيس إكس" وعودًا: لتقديم 2 إلى 4 ميغا بايت لكل جهاز موجود، سيتعين على الشركة إطلاق أقمار صناعية أكبر بكثير. وستحتاج لهذا إلى المركبة الفضائية "ستارشيب" والتي لا تزال قيد التطوير.
في كلتا الحالتين، أمامنا سباق فضائي جديد - وبشكل أكثر دقة سيكون هذا السباق في راحة أيدينا: السباق لتوصيل الهواتف المحمولة بالأقمار الصناعية. من المحتمل أننا سنشهد في المستقبل المزيد من الشراكات كما بين "أبل" و"غلوبال ستار"، وبين "تي موبايل" و"سبيس إكس" - مثل مجموعة أقمار الاتصالات الخاصة بمشروع "كويبر" من أمازون. بالإضافة إلى ذلك، سيكون من المثير للاهتمام أن نرى كيف ستتغلب شركات الفضاء الجديدة على التعقيدات القانونية: كيف تحصل على ترخيص عالمي للعمل من أي مكان في العالم؟ ليس هناك شك في أنه ستكون هناك دول ستعارض ذلك، إما بدافع الرغبة في حماية مزودي الخدمة الخلوية والإنترنت المحليين، أو رغبة في تقييد وصول مواطنيها المجاني إلى المعلومات.
