أعلن المشروع الدولي الجديد للبحث عن حياة عاقلة في الفضاء (Breakthrough Listen)، بأن محاولات التقاط ترددات راديو من الكويكب بين النجمي الأول الذي تم اكتشافه 1I/2017 U1، أو أومواموا (بلغة هاواي: "مرسال من الماضي البعيد يمد لنا يده") – لم تسفر عن نتائج.
في شهر تشرين الثاني الأخير اكتشف مرصد النجوم في جامعة هاواي جسماً مر قريباً جداً من الكرة الأرضية، على مسافة تبلغ 85 ضعف المسافة بين الأرض والقمر. على الرغم من التوقعات بوجود كويكبات كثيرة من هذا النوع، إلا أن اومواموا هو الجسم الأول الذي يتم التأكد بأنه قادم من خارج نظامنا الشمسي، وبالتحديد من مجموعة نجوم "القيثارة".
أثار هذا الضيف غير المتوقع الكثير من الفضول، ليس لأنها المرة الأولى التي يتم فيها توثيق زائر من مسافة بعيدة كهذه (للتوضيح فإن نظام ألفا سنتوري وهو الأقرب إلينا، يبعد عنا مسافة 4.37 سنة ضوئية، وليس من المؤكد أيضاً أن الجسم قد أتى من هناك). يختلف شكل اومواموا كثيراً عن الكويكبات المعروفة في نظامنا الشمسي. طوله نحو 400 متر، وعرضه عُشر ذلك فقط – مما يمنحه شكل السيجار، وهو شكل ليس له شبيه بين الكويكبات التي نعرفها في نظامنا الشمسي. ولأن هذا الشكل الطولي يعتبر التصميم المفضل للمركبات الفضائية كونه يقلل الاحتكاك مع الغبار والغازات، ولأن الجسم مر قريباً جداً من الكرة الأرضية، تقرر توجيه تلسكوب الراديو (Green Bank) نحوه، وهو التلسكوب الأكبر من نوعه في العالم، من أجل الاستماع إلى الترددات الصادرة عنه.
كما ذكرنا، فقد نشرت Breakthrough Listen مؤخراً استنتاجاتها الأولية، ويبدو أن الجسم صامت تماماً. فهو إذن ليس مركبة فضائية، بل جسم من صنع الطبيعة. وعلى الرغم من ذلك، يستمر اومواموا بمفاجأتنا. فمن التحليل الطيفي للكويكب، أي تحليل الطريقة التي ينعكس فيها الضوء عن سطحه، يبدو أن "السيجار" الغريب مغطى بطبقة عضوية ـ منفصلة عن قلبه الجليدي. لهذا السبب، لا يمكننا تحديد إن كان الجسم كويكباً أم مُذنباً – لأن الجسم لا يمتلك ذيلاً عند اقترابه من الشمس كما تفعل المذنبات.
الجسم نفسه احمر اللون، كما هو متوقع من تركيبة عضوية تعرضت للإشعاعات الفضائية على مر ملايين السنين، وهو يدور حول نفسه بشكل سريع وغير منتظم. احتمال أن يكون اومواموا قد اصطدم بشيء ما خلال مروره بنظامنا الشمسي هو احتمال معدوم، فهو كما يبدو يدور بهذا الشكل منذ أن غادر النظام الشمسي الذي تكون فيه.
وجود أومواموا في نظامنا الشمسي لفترة أطول كان سيسعد علماء الفلك، ولكن الزائر غادرنا سريعاً. يسير أومواموا بسرعة 26 كيلومتر في الثانية مبتعداً عن الشمس، وقريباً لن تتمكن أقوى التلسكوبات من العثور عليه. سيمر هذا الكويكب أو المذنب بمدار المشتري في أيار 2018، وبمدار زحل في كانون الثاني 2019 وبمدار نبتون في 2022. ومن هناك، سيغادر اومواموا النظام الشمسي ويتجه نحو مجموعة نجوم الفرس الأعظم (بيجاسوس).
على الرغم من أنه الجسم بين النجمي الأول الذي يتم اكتشافه في النظام الشمسي، يقدر الباحثون بأن هذا النوع منتشر جداً. وبحسب القديرات، هناك في كل لحظة نحو 30,000 كويكب في نظامنا الشمسي جاء من مجموعة شمسية أخرى. كلما تحسنت قدرتنا على اكتشاف الكويكبات– خصوصاً بسبب حاجتنا لاكتشاف الكويكبات التي يمكنها أن تكون على مسار تصادم مع الكرة الأرضية – سنتمكن من اكتشاف المزيد من الزوار بين النجميين مثل أومواموا.