لأول مرة، استخدم العلماء بيانات جمعتها الأقمار الصناعية للكشف عن تسرب خطير لغاز الميثان من منصة حفر في وسط البحر – هذا ما تؤكده دراسة تمت مراجعتها من قبل العلماء ونشرت في مجلة Environmental Science and Technology. تعمل هذه النتائج في الواقع على توسيع التغطية المكانية للعلماء والدول والمنظمات الدولية، وتسمح لهم أيضًا بمراقبة تسرب غازات الاحتباس الحراري من منصات التنقيب عن النفط والغاز.
بالإضافة إلى غاز الاحتباس الحراري المعروف بثاني أكسيد الكربون، والذي ينبعث عند حرق النفط أو الغاز أو الفحم، فإن صناعة الوقود الأحفوري تتسبب بانبعاث حوالي 120 مليون طن من الميثان في كل عام، أي حوالي ثلث انبعاثات الميثان الناجمة عن النشاط البشري - وفقاً لوكالة الطاقة الدولية (IEA).
ينبعث الميثان أثناء التنقيب عن زيت الوقود الأحفوري ونقله واستخدامه، كما أن انبعاثات الميثان مسؤولة عن حوالي 30٪ من الاحتباس الحراري في العالم. على الرغم من أن غاز الميثان أقل شيوعًا من ثاني أكسيد الكربون، إلا أنه يعتبر غاز دفيئة أقوى بكثير، حيث أن غاز الميثان يحبس الحرارة بنسبة تفوق 80 مرة ثاني أكسيد الكربون.
لحسن الحظ، يتحلل الميثان في الغلاف الجوي بعد حوالي عقد من الزمان فقط - مقارنة بمئات وآلاف السنين التي تستغرقها الأرض لإعادة امتصاص ثاني أكسيد الكربون. لهذا السبب، إذا خفضت البشرية انبعاثات غاز الميثان بشكل حاد، فسيكون من الممكن تبريد الأرض بعدة أعشار من الدرجة، وتحقيق الهدف الذي حددته اللجنة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) لتقييد الزيادة في الحرارة إلى 1.5 درجة درجة مئوية.
أقوى بـ 80 مرة من ثاني أكسيد الكربون
منذ بداية عصر الفضاء، لعبت الأقمار الصناعية دورًا مهمًا في مراقبة البيئة - وفي الواقع تم جمع معظم المعلومات المتاحة عن ظاهرة الاحتباس الحراري بمساعدة الأقمار الصناعية.
في السنوات الأخيرة، بدأت الحكومات والمنظمات الحكومية الدولية في استخدام أقمار صناعية تجارية للمراقبة من أجل اكتشاف تسربات غاز الميثان الموضعية. المشكلة هي أن المحيطات تمتص موجات الأشعة تحت الحمراء القصيرة، وهي الطريقة الوحيدة للأقمار الصناعية لاكتشاف تسرب الغاز غير المرئي. أدى ذلك إلى خلق حالة أفلتت فيها عمليات الحفر البحرية - والتي تمثل حوالي 30٪ من جميع عمليات حفر الوقود الأحفوري - من مراقبة رادارات الفضاء حتى الآن.
الآن، تمكن علماء من جامعة فالنسيا التقنية من التغلب على هذه المشكلة عن طريق قياس الإشعاع الشمسي المنعكس عن سطح الماء. استخدم الباحثون بيانات من القمر الصناعي WorldView3 التابع لشركة ماكسر، والتي تم الحصول عليها بمساعدة برنامج "مهام الطرف الثالث" (Third Party Missions) التابع لوكالة الفضاء الأوروبية – وقاموا بدمجها مع بيانات من القمر الصناعي البيئي لاندسات 8 التابع لناسا.
باستخدام وميض من ضوء الشمس الذي يمتصه الغاز، اكتشف الباحثون بنجاح تسربًا هائلاً للميثان من منصة حفر للتنقيب عن الغاز والنفط قبالة ساحل خليج المكسيك. فلمدة 17 يومًا في كانون الأول 2021، قامت منصة الحفر هذه، والمسماة Zaap-C، بتسريب 70 ألف طن من الميثان في الغلاف الجوي - وهو تسرب يعادل جميع انبعاثات غاز الميثان السنوية من صناعة النفط والغاز المكسيكية بأكملها.
تساعد الطريقة الجديدة على سد الثغرة الحالية، وتمكين المراقبة المنتظمة لمنصات الغاز والنفط في البحر أيضًا. وتجدر الإشارة إلى أنه في العام الماضي، أبلغت حكومة الولايات المتحدة عن قفزة قياسية في مستويات الميثان في الغلاف الجوي. وفي مؤتمر المناخ الأخير الذي عقد في جلاسكو، تعهدت أكثر من 100 دولة بخفض انبعاثات الميثان بنسبة 30٪ بحلول عام 2030 - لكن بعضا من أكبر الملوثين في العالم، مثل الصين وروسيا وإيران والهند، رفضوا التوقيع على المعاهدة.
قمر صناعي مجاني لرصد الميثان بتمويل من بيزوس وماسك
وحتى "تستيقظ" الحكومات، أخذت المنظمات غير الحكومية على عاتقها مسألة مواجهة تسريب الميثان. في عام 2020، قرر بارونا الفضاء المتنافسان جيف بيزوس وإيلون ماسك - وهما أيضًا أغنى شخصين على الكوكب - التبرع بمئات الملايين من الدولارات لبناء قمر صناعي يسمى "ميثان – سات" لمراقبة انبعاثات الميثان على الأرض.
سيتم إطلاق القمر الصناعي، وهو مشروع لمنظمة غير ربحية تسمى صندوق الدفاع عن الأرض، أو EDF، في تشرين أول من هذا العام. على عكس الأقمار الصناعية التجارية، تعتزم المنظمة نشر البيانات التي يتم جمعها مجانًا وفي الوقت الفعلي، للسماح للحكومات بفرض غرامات على المصانع الملوثة.
من حديث على منصة TED لإطلاق مشروع MethaneSAT.