السياحة في الفضاء

اعتقد بعض كبار السن منا في طفولتهم بأنهم عندما يبلغون سن 21 سيصلون إلى القمر. هذا لم يحدث – فالرحلات إلى الفضاء ما زالت غير منتشرة كما الرحلات إلى خارج البلاد. ولكن السياحة في الفضاء موجودة فعلاً، وهي تتطور بشكل سريع! في نيسان 2001 سافر أول سائح في الفضاء: وهو رجل أعمال ومليونير أمريكي باسم "دنيس تيتو". قبل ذلك كان السفر إلى الفضاء متاحاً لرواد الفضاء فقط، وذلك في مهمات تم تمويلها وتنفيذها على يد دول ووكالات فضاء رسمية، وليس بشكل شخصي. بعد "تيتو" زار الفضاء سياح آخرون، ممن استضافتهم محطة الفضاء الدولية ودارت بهم حول الكرة الأرضية. رحلة كهذه تحتاج إلى تأهيل وتمرين، ودفع ملايين من الدولارات، مما يجعلها اليوم في متناول الأغنياء فقط. ولكن هناك شركات خاصة تعمل حالياً وبشكل متسارع على تطوير هذه السياحة، من أجل إتاحتها للجمهور الواسع في المستقبل. فمثلاً، تعمل شركة "جلاكتيك سويت" ("سويتا جلاكتيكا") على إقامة الفندق الأول في الفضاء. والفندق هو عبارة عن محطة فضائية تدور حول الكرة الأرضية مرة كل 90 دقيقة. وهي مخصصة لاستضافة السياح لمدة 4 حتى 6 أيام في كل مرة، والسماح لهم بتجربة المكوث في ظروف انعدام الجاذبية ومشاهدة الكرة الأرضية من الفضاء.

 كما تقوم عدة دول في أنحاء العالم اليوم، ومنها السويد، وسنغافورة والولايات المتحدة، ببناء موانئ فضائية ستسهل في المستقبل إطلاق رحلات تجارية إلى الفضاء. في المقابل يعمل المهندسون على تطوير مركبات تجارية رخيصة نسبياً، والتي يمكن إطلاقها بعد القليل من التحضيرات. ومن المتوقع أن تتيح هذه التطويرات للأشخاص العاديين في المستقبل زيارة الفضاء، وكذلك تخفيض التكاليف. في الوقت الحالي، إن لم يكن بحوزتكم الملايين ولكنكم تمكنتم جمع 200,000 دولار "فقط"، ربما يمكنكم تجربة السفر إلى الفضاء على ارتفاعات منخفضة. والمقصود هو رحلات قصيرة، لمدة ساعة تقريباً، على ارتفاع يزيد قليلاً عن 100كم فوق سطح الأرض. في رحلات كهذه لا تدخل المركبة في مسار حول الكرة الأرضية، ولكن يمكن للركاب تجربة ظروف انعدام الجاذبية، والتمتع بمشهد رائع للكرة الأرضية من الأعلى. تطور العديد من الشركات اليوم مركبات قادرة على القيام برحلات تجارية على ارتفاعات منخفضة.

حالياً هناك عدة مخططات لإقامة فنادق في الفضاء – أحد هذه المخططات يشمل تركيب الفندق من وحدات منفوخة تشبه البالون. وما الذي يمكنكم فعله في فندق فضائي كهذا؟ أولاً، مشاهدة الكرة الأرضية ورؤية الشروق والغروب عدة مرات كل يوم، وفقاً للسرعة التي يدور فيها الفندق حول الكرة الأرضية. تحتاج النشاطات الترفيهية ملائمة لظروف الفضاء – فبدلاً من الجلسات العلاجية، يمكنكم مثلاً اللعب بفقاعات الماء المتطايرة. ومن أجل الراحة أو النوم يفضل أن تربطوا أنفسكم بالأحزمة في كرسي مريح أو سرير، كي لا تطيروا في الأرجاء ويصطدم أحدكم بالآخر.

كيف ستبدو السياحة الفضائية في المستقبل؟ على الأغلب ستصبح إمكانية السفر إلى الفضاء أكثر توفراً وأقل تكلفة. إذا أقام البشر مستوطنات خارج الكرة الأرضية، فيمكنهم في المستقبل إنشاء مرافق ترفيهية هناك أيضاً، وربما حتى مسارات تنزه. وربما بدل السفر في إجازة إلى خارج البلاد، يمكنكم قضاء عدة أشهر في فندق فاخر على المريخ...